dimanche 27 avril 2014

إمبراطورية الإعلام و انحلال القيم


ميلود العلواني

بديهي و موضوعي أن يندغم الحقيقي و الوهمي في حقل عالم افتراضي و فجوة رقمية عميقة تمخضت عن ما يصطلح علية بـ " الحداثة " هذا المفهوم الشبه الهلامي أو الخلاسي الذي إرتبط أساسا بالتقنية حيث صار العلم تقنيا بامتياز و الذي تمخض عنه طفو آليات تتميز كل منها عن الأخرى , و مختلقة باختلاف الفضاءات , السياسية , الاقتصادية و العسكرية والاجتماعية ....هذا إضافة إلى العدة الإلكترونية المسخرة للحرفة الإعلامية و المرتبطة أساسا بعتاد الاتصال المقروءة منها و المسموعة و المرئية , وهذه الأخيرة هي ما يطرق أبواب بصرنا و بصائرنا , و أخيرًا و ليس بالأخير آن لنا أن نطلق العنان لسؤال مفصلي مفاده , ما مدى تأثير المادة السمعية البصرية في سلوكيات الناس ؟و إلى أي حد تسهم في غرس بعض القيم و صقلها لدى الشرائح الاجتماعية ؟ 
في وقتنا الراهن أصبحنا نعيش عالما آليا بامتياز بحكم العوالم الافتراضية و الفجوة الرقمية التي طرحت بساطها على الخريطة الحياتية للجنس البشري و التي تنكرت في زي حسناء خطفت العقول و الأفئدة و غُيب فيها الجانب العقلي ليحل مَحَله الجانب الغرائزي إن لم نقل الشهواني بمعنى طفو مبادئ المذهب الأبيقوري على سطح الفكر الجماهيري الذي أصبحت العبارات الماجنة عملته المتداولة و الحديث عن الأجساد الشبه عارية أو العارية و المؤخرات و الصدور المكتنزة معادلة جبرية في حوارات الباحتين عن اللذة أو الفردوس المفقود حسب عبارة "جون ماري بيام " و ذاك مرده إلى ما يبثه الصندوق العجيب من صور خليعة مشحونة برموز اللذة الرخيصة و المجانية التي تدفع فاتوراتها باهضة الثمن على مستويات عدة منها انحطاط القيم الإنسانية و تدهور الصحة النفسية و هلم جرا ...
سابقا اتصف التلفزيون الانجليزي بالتفاهة حسب تقرير Bilkington لينتقل الفيروس إلى التلفزيون الفرنسي عن طريق "جاك ثبو" الذي اعتبره مفرغا من المحتوى الثقافي , لكن السؤال الذي يحتم علينا طرحه هو : هل صار التلفاز و التلفاز الرقمي بالأساس تافها ؟ 
حقيقة أصبحنا اليوم نعيش أزمات إعلامية مستعصية بفعل ما يبث عبر" شبكة الساتلايت " من برامج تتنافى و المعايير الأخلاقية المتعارف عليها في المجتمع و أقصد هنا بعض الأقمار التي أصبحت بمثابة سوق لترويج اللحوم البشرية بأثمنة زهيدة غيب فيها الجانب الأخلاقي و روح الكرامة الإنسانية , وطفا على سطحها روح الكسب و الاسترزاق على حساب ضعاف العقول , الذين اتخذوا المادة الإعلامية صنما يخرون له سجدا طوال اليوم , و في هذا السياق سنأخذ نموذجين اثنين و يتعلق الأمر بقمري Hotbird و Most 21 و اللذان داع صيتهما في الأوساط الحضرية و القروية داخل التراب المغربي , و لعل الوسط القروي تضرر بوثيرة كبيرة من سيل التيار الجارف للصور الماجنة المودوعة في هذه الخزنة السحرية التي تمكن أي كان من تفحص الجسد البشري بكل حرية و يَسر , حيت صادفنا حالات عديدة للإدمان على مشاهدة البرامج " البورنوغرافية " في الفضاء القروي بحكم اشتغالنا على برمجة أجهزة الفيديو , و لعل ذلك راجع إلى ارتفاع و وثيرة الأمية أو الغياب التام للثقافة الجنسية و حضورها كطابو داخل الأسر التقليدية , هذا حسب بعض التحليلات لكن تحت مجهر العين السوسيولوجية يرجع السبب الرئيسي إلى التأثير المكثف و الحاد أو الاستلاب للعدة الإعلامية0 و خاصة التلفزيون الرقمي في نشر ثقافة العودة إلى واقع المجتمعات البدائية بمعنى المشاعية الجنسية , ولعل الامتثال لهذا الأمر أصبح ملموس في الوسط القروي مع مختلف الشرائح العمرية , و الذي كان له وقعا كبيرا على اختلال توازن العلاقات حيث سادت التحرشات الجنسية و غاب جانب الوقار , و اتسعت شبكة العلاقات اللاشرعية بعدما كانت في المجتمعات ما قبل كهربائية تعتبر جريمة مخلة بقيم الجماعة و الأعراف , لكن هذا منطقي فإذا قمنا بجرد بسيط لقنوات هذين القمرين السابقي الذكر لوجدنا القنوات المحملة بالنكهة الجنسية تتصدر القائمة , و بالتالي غاب الواقعي و تجدر الوهمي . 
إذن هل أصبحنا نتغذى على الوهم في عالم أسطوري قوامه النت و التلفاز الرقمي ؟ و هل ثمة ترياق لمقاومة هذا السرطان الذي فتك بقيم المجتمع ؟


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 
Design by Wordpress Templates | Bloggerized by Free Blogger Templates | Web Hosting Comparisons تعريب : ميلود العلواني