lundi 28 avril 2014

dimanche 27 avril 2014

جسوس مات،جسوس لم يمت،-ترسيخا لثقافة الاعتراف-

ميلود العلواني


   لقد فقدت قارة السوسيولوجيا علما بل نجما لامعا في التنظير السوسيولوجي صباح يوم أمس الجمعة بالرباط العاصمة،إنه الرجل السياسي و العالم و المنظر السوسيولوجي ،بل مؤسس و مقعد الفعل السوسيولوجي بمغرب بعد الاستقلال السياسي.
   محمد جسوس القائل "إنهم يريدون خلق جيل من الضباع" و الذي قيل في حقه : "إن محمد جسوس، يعتبر بمثابة علامة فارقة في تاريخ السوسيولوجيا المغربية، بالنظر إلى الدور المتميز الذي لعبه منذ نهاية ستينات القرن الماضي في تكوين أجيال عديدة من السوسيولوجيين، وبصفة خاصة في انفتاح الجامعة المغربية الناشئة على مقاربات نظرية وممارسات ميدانية جديدة سمحت بتأسيس خطاب سوسيولوجي متميز بعقلانيته ونزعته النقدية من جهة، وبحرصه على التقيد بالاشتغال في حدود العلم ووفق ضوابط ومقتضيات كانت بدورها في طور التأسيس، ساهم محمد جسوس بحظ وافر في تقعيدها وترسيخها" طبعا يستحق كل ما تداولته الأقلام الوفية لانجازات الرجل القيمة و ارشاده لمعتنقي التفكير النقدي و الجدي بالقضايا السوسيولوجية من خلال رسمه القويم لنهج الفكر السوسيولوجي ،و لعل إنجابه لدكاترة أكفاء و محنكين في تناول الظواهر الاجتماعية تناولا موضوعيا ، دقيقا و نقديا ،من قبيل الدكتور عبد الرحيم العطري و ادريس بنسعيد ،المختار الهراس و القائمة طويلة...
انه العالم و الرائد السوسيولوجي الذي سرقته السياسة عسافا والتي قدم فيها الشيئ الكثير سعيا وراء تكريس مبادئ الدمقرطة الاجتماعية بالمغرب رغم المخاضات العسيرة التي كان يشهدها المشهد السياسي و لا زال يشهدها .
   لقد ولد محمد جسوس سنة 1938 في مدينة فاس ،ليرتحل بعدها إلى العالم الجديد سعيا وراء حبة فهم وتقصيا للمعنى في زمن اللامعنى ليحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة برنستون الأميركية سنة 1968، ليعود أدراجه إلى موطنه الأم سنة 1969 ليحصل على كرسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس -الرباط فواصل العمل بها أستاذا لعلم الاجتماع منتجا ضربا عميقا من المعنى، إلى حين إحالته على المعاش سنة 2004 ،فرغم إنتاجه الكثيف للتنظير السوسيولوجي إلا آن قلمه كان بخيلا شيئا ما لأنه احتكم إلى سلطة الشفوي ، لكن ما جنبه الانتقاد اللاذع هو تركه الخلف لخير سلف و لعل الدكتور عبد الرحيم العطري لخير دليل على ذلك .
   ختاما لا يسعنا إلا أن نقول لقد صدقت أيها الجسوس لقد سارعوا إلى خلق ذاك الجيل من الضباع ، و أننا نقتضي بإرشاداتك السوسيولوجية قلبا وقالبا حتى يتسنى لنا الانفلات من سياسة التضبيع تلك،و بالتالي فإنك حي و لم تمت.

يا شيوعيو العالم اتحدوا !!!



لماذا تخشى الأنظمة الرجعية من الماركسية العلمية؟

ميلود العلواني


إذا كانت الشيوعية في تعريفها العام الذي قدمه فريدريك انجلز في كتابه القيم "مبادئ الشيوعية ":هي علم تحرير الطبقة البروليتاريا , و "البروليتاريا هي الطبقة التي –من بين كل طبقات المجتمع– تعيش كليا من بيع عملها فقط، لا من أرباح أي نوع من أنواع رأس المال. ولا تتوقف معيشتها بل وجودها ذاته، على مدى حاجة المجتمع إلى عملها، أي أنها رهينة فترات الأزمة والازدهار الصناعي وتقلبات المنافسة الجامحة. بإيجاز إن البروليتاريا هي الطبقة الكادحة لعصرنا الراهن."
إذن وانطلاقا من المفهومين الذين قدمهما انجلز للشيوعية والطبقة البروليتاريا يتضح السبب المحوري أو الجوهري وراء محاربة الأنظمة الفاسدة والمتعفنة في كل ربوع العالم لكل من النظام الشيوعي والاشتراكي على وجه الخصوص، فنداء كارل ماركس لعمال العالم أن يتحدوا لم يكن من فراغ وإنما جاء كنتيجة لفطنة الرجل الذي احتقر النظام الرأسمالي الذي بضع المنتجات والناس على حد سواء وفي هذا التبضيع القسري للناس تم استغلالهم بشتى الطرق، بداية من قيمة العمل إلى فائض القيمة وهلم جرا ...
و مادامت الاشتراكية و الشيوعية تسعى في ظاهرها إلى القضاء على كل أوجه الاستغلال و الهوة بين الطبقات المخملية أو المالكة لوسائل الإنتاج عسافا أي الطبقة الرأسمالية المستبدة و المحتكرة لكل منافذ صناعة القرار و تحطيم الطبقات المالكة، سعيا وراء ديكتاتورية البروليتاريا التي تستحق القبض بزمام الأمور و تمتيع الطبقات الشعبية بالرفاه الاجتماعي، و العيش في مجتمع لا طبقي، أي خال من الصراع الطبقي، لكن ذلك لم يتكلل بالنجاح في مختلف الدول التي تبنت النظامين نظرا لشره الطبقات الحاكمة المستبدة، و يتضح ذلك من خلال حملات الاعتقال و التعذيب و التنكيل و التقتيل لكثير من نشطاء اليسار بشكل عام، بداية من المهدي بن بركة ،عمر بن جلون، سعيدة المنبهي ،فرج فودة...
إذن أكرر يا عمال العالم و فلاحيه و طلابه و فقرائه اتحدوا و تصدوا للنظام الرأسمالي المتعفن الذي استنزف خيرات البلدان و أبسط هيمنته على العالم من خلال الحملات الامبريالية و الإيديولوجية المتعفنة المعتمدة على التقنية التي كرست للاستلاب كما وضح كارل ماركس.

إمبراطورية الإعلام و انحلال القيم


ميلود العلواني

بديهي و موضوعي أن يندغم الحقيقي و الوهمي في حقل عالم افتراضي و فجوة رقمية عميقة تمخضت عن ما يصطلح علية بـ " الحداثة " هذا المفهوم الشبه الهلامي أو الخلاسي الذي إرتبط أساسا بالتقنية حيث صار العلم تقنيا بامتياز و الذي تمخض عنه طفو آليات تتميز كل منها عن الأخرى , و مختلقة باختلاف الفضاءات , السياسية , الاقتصادية و العسكرية والاجتماعية ....هذا إضافة إلى العدة الإلكترونية المسخرة للحرفة الإعلامية و المرتبطة أساسا بعتاد الاتصال المقروءة منها و المسموعة و المرئية , وهذه الأخيرة هي ما يطرق أبواب بصرنا و بصائرنا , و أخيرًا و ليس بالأخير آن لنا أن نطلق العنان لسؤال مفصلي مفاده , ما مدى تأثير المادة السمعية البصرية في سلوكيات الناس ؟و إلى أي حد تسهم في غرس بعض القيم و صقلها لدى الشرائح الاجتماعية ؟ 
في وقتنا الراهن أصبحنا نعيش عالما آليا بامتياز بحكم العوالم الافتراضية و الفجوة الرقمية التي طرحت بساطها على الخريطة الحياتية للجنس البشري و التي تنكرت في زي حسناء خطفت العقول و الأفئدة و غُيب فيها الجانب العقلي ليحل مَحَله الجانب الغرائزي إن لم نقل الشهواني بمعنى طفو مبادئ المذهب الأبيقوري على سطح الفكر الجماهيري الذي أصبحت العبارات الماجنة عملته المتداولة و الحديث عن الأجساد الشبه عارية أو العارية و المؤخرات و الصدور المكتنزة معادلة جبرية في حوارات الباحتين عن اللذة أو الفردوس المفقود حسب عبارة "جون ماري بيام " و ذاك مرده إلى ما يبثه الصندوق العجيب من صور خليعة مشحونة برموز اللذة الرخيصة و المجانية التي تدفع فاتوراتها باهضة الثمن على مستويات عدة منها انحطاط القيم الإنسانية و تدهور الصحة النفسية و هلم جرا ...
سابقا اتصف التلفزيون الانجليزي بالتفاهة حسب تقرير Bilkington لينتقل الفيروس إلى التلفزيون الفرنسي عن طريق "جاك ثبو" الذي اعتبره مفرغا من المحتوى الثقافي , لكن السؤال الذي يحتم علينا طرحه هو : هل صار التلفاز و التلفاز الرقمي بالأساس تافها ؟ 
حقيقة أصبحنا اليوم نعيش أزمات إعلامية مستعصية بفعل ما يبث عبر" شبكة الساتلايت " من برامج تتنافى و المعايير الأخلاقية المتعارف عليها في المجتمع و أقصد هنا بعض الأقمار التي أصبحت بمثابة سوق لترويج اللحوم البشرية بأثمنة زهيدة غيب فيها الجانب الأخلاقي و روح الكرامة الإنسانية , وطفا على سطحها روح الكسب و الاسترزاق على حساب ضعاف العقول , الذين اتخذوا المادة الإعلامية صنما يخرون له سجدا طوال اليوم , و في هذا السياق سنأخذ نموذجين اثنين و يتعلق الأمر بقمري Hotbird و Most 21 و اللذان داع صيتهما في الأوساط الحضرية و القروية داخل التراب المغربي , و لعل الوسط القروي تضرر بوثيرة كبيرة من سيل التيار الجارف للصور الماجنة المودوعة في هذه الخزنة السحرية التي تمكن أي كان من تفحص الجسد البشري بكل حرية و يَسر , حيت صادفنا حالات عديدة للإدمان على مشاهدة البرامج " البورنوغرافية " في الفضاء القروي بحكم اشتغالنا على برمجة أجهزة الفيديو , و لعل ذلك راجع إلى ارتفاع و وثيرة الأمية أو الغياب التام للثقافة الجنسية و حضورها كطابو داخل الأسر التقليدية , هذا حسب بعض التحليلات لكن تحت مجهر العين السوسيولوجية يرجع السبب الرئيسي إلى التأثير المكثف و الحاد أو الاستلاب للعدة الإعلامية0 و خاصة التلفزيون الرقمي في نشر ثقافة العودة إلى واقع المجتمعات البدائية بمعنى المشاعية الجنسية , ولعل الامتثال لهذا الأمر أصبح ملموس في الوسط القروي مع مختلف الشرائح العمرية , و الذي كان له وقعا كبيرا على اختلال توازن العلاقات حيث سادت التحرشات الجنسية و غاب جانب الوقار , و اتسعت شبكة العلاقات اللاشرعية بعدما كانت في المجتمعات ما قبل كهربائية تعتبر جريمة مخلة بقيم الجماعة و الأعراف , لكن هذا منطقي فإذا قمنا بجرد بسيط لقنوات هذين القمرين السابقي الذكر لوجدنا القنوات المحملة بالنكهة الجنسية تتصدر القائمة , و بالتالي غاب الواقعي و تجدر الوهمي . 
إذن هل أصبحنا نتغذى على الوهم في عالم أسطوري قوامه النت و التلفاز الرقمي ؟ و هل ثمة ترياق لمقاومة هذا السرطان الذي فتك بقيم المجتمع ؟


تأملات في زمن الاعتقال السياسي السري بالمغرب


 

ميلود العلواني

 الاعتقال السياسي هو قضية من القضايا الطبقية الكونية التي ترتبط بشكل مباشر بالأنظمة الديكتاتورية التي تسعى دائما وراء احتكار السلطة لنفسها دون اشراك باقي الأطراف المعارضة،وبالتالي عزلها عن الساحة السياسية والاجتماعية عن طريق الاعتقال والزج بها في غياهب المعتقلات السرية والسجون،فما المقصود بالمعتقل السياسي؟

    يحيل مفهوم المعتقل السياسي إلى كل شخص تم توقيفه أو حجز حريته بدون قرار قضائي بسبب معارضته للنظام في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السياسي أو تعاطفه مع معارضيه أو مساعدته لهم او بسبب مبادئه السياسية أو دفاعه عن الحرية .
    تميز مغرب ما بعد الاستقلال الشكلي بانتشار بطش الايادي  السوداء من خلال الاغتيالات وغزارة الاعتقالات السياسية  ضمن صفوف المعارضين للسياسة التي ينتهجها النظام القائم آنذاك،وخاصة المتسلحين بالفكر الماركسي الرامي إلى قلب البنية من خلال الثورة على صناع القرار الذين يحكمون بالنار والحديد تارة والمكر والخديعة تارة أخرى،لكون المغرب كان يعيش تحت سلطة الاستثناء،وكان الطابع المميز للممارسة السياسية هو القمع والاكراه  والاستبداد،ومن هذا المنطلق آثرت الانطلاق من دجنبر 1959 حين تم اعتقال الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي فحوكم الأول ب 6 أشهر و الثاني بشهر واحد،على خلفية تآمرهما لاغتيال الحسن الثاني آنذاك. كما شكلت أحداث مولاي بوعزة 1973 أرضية خصبة للاعتقال السياسي الذي طال مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية،بمعتقلات الترهيب السرية سيئة الذكر(درب مولاي الشريف بالدارالبيضاء،الكوربيس بذات المدينة،قلعة مكونة،تازمامارت،تمارة، دارالمقري بالرباط...) بعد اختطافهم و التنكيل بهم ولعل المناضل أحمد بنجلون و سعيد بونعيلات خير دليل على التربص الرهيب الذي انتهجه النظام الحاكم وقتئذ،حيث تم اعتقالهما بالعاصمة الاسبانية مدريد من طرف الشرطة الاسبانية يوم 29 يناير 1970،لتتم إحالتهما على المغرب عبر تسليمهما للشرطة السرية المغربية،التي نقلتهما عبر طائرة عسكرية بعد أن تم تقييد يديهما إلى الخلف و ربطهما من الأرجل بسلسلة حديدية متكونة من 73 حلقة واستبدال غطاء الرأس بعصّابة سوداء مع الأمر بالجلوس تحسبا لقيام المعتقل بأي حركة ،لأن الشرطة كانت تعتقد بخطورته كما جاء على لسان أحمد بنجلون.وبقيا على هذا الوضع حتى بعد أن زجا بهما وباقي المناضلين الحركيين في المعتقل السري دار المقري،وفي هذا يقول أحمد بنجلون:"...أما المكان الثاني فإنه دار المقري،كنت أقضي في المكان الذي وضعت فيه الليل و النهار ويداي مقيدتان وراء ظهري،وسلسلة حديدية على رجلي ،كنت أحس في بعض الأحيان أن لدي عدة أدرع،لقد كان الاحساس بألم القيد طاغيا إلى أبعد الحدود وكنت أجد صعوبة في الانتقال من وضعية إلى أخرى".وأضاف قائلا:"لقد قضيت سنة تقريبا وأنا في الاعتقال السري تحت التعذيب و الاستنطاق قبل أن نخرج إلى العلن عند قاضي التحقيق،ونحال على المحكمة لكي تقول كلمتها فينا ،المهم هو أن أوفقير أخذ يسألني عن بعض الأسماء الحركية في تنظيمنا مثل الحاتمي و غيره".
   أوفقير، العشعاشي، الدليمي،قدوراليوسفي،الحمياني...هم الجلادون الذين سهروا على الاختطافات الرهيبة والاستنطاقات الجهنمية الدموية لخيرة أبناء الشعب، سعيا وراء تشتيت التنظيمات الرامية حسبهم إلى إنشاء الجمهورية على أنقاض النظام القائم من خلال تحالف العمال مع الحزب الثوري استنادا على حرب التحرير الشعبية ،أما أفازاز وعبد اللطيف اللعبي... فهم الذين ترأسوا عدة محاكمات سياسية أفضت إلى الحكم على مئات الشباب الطامح إلى التغيير بقرون من الزمن في ظل محاكمات صورية،تحت دريعة ملفات مفبركة وصورية كذلك ، إذ أنه رغم الاختلافات في التوجه الايديولوجي بين أعضاء التنظيمات إلا أنه تمت محاكمتهم على خلفية ملفات موحدة واعتقلوا بمعتقلات سرية واحدة،ولعل محاولة استئصال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية،خلال 1973،أي بعد أحداث مولاي بوعزة أو ما يعرف بأحداث 3 مارس وهي أحداث ناجمة عن تسرب عناصر مغربية من الحدود الجزائرية إلى داخل الوطن،والتي حوكم بمقتضاها 160 معتقلا تحت صك اتهام مفاده أن هناك مؤامرة كانت تحاك ضد الأمن الداخلي للبلاد حيث تضمن أن هناك تدبيرا مسبقا تمثل في أنه كانت هناك تداريب على حمل السلاح أقيمت في بعض الدول العربية من قبيل سوريا والجزائر تحت إشراف الفقيه محمد البصري،سعيا وراء القيام بتمرد داخلي في الأطلس المتوسط،لأن الاحتقان الذي كانت تشهده البلاد سيساهم في ثورة قبائل الأطلس والجنوب بمجرد إطلاق أول رصاصة وبالتالي ستعمم الثورة على باقي جهات وأقاليم الوطن من شأنها أن تؤدي بتغيير النظام أو إسقاطه، مما استدعى محاكمة المعتقلين ال 160 محاكمة عسكرية بمدينة القنيطرة كان بطلها عبد اللطيف اللعبي الذي ترأس جملة من المحاكمات السياسية أهمها محاكمة مراكش 1971،والتي صنف خلالها المعتقلين ال 160 إلى معتقلين سياسيين ومعتقلين عسكريين،وبالتالي صدرت أحكام براءة في صفوف المعتقلين السياسيين وفي المقابل تراوحت أحكام المجموعة الثانية بين الإعدام وخمس سنوات سجنا نافذا،حيث تم إعدام 20 معتقلا،من المجموعة الثانية،أما أفراد المجموعة الأولى فرغم أحكام البراءة التي صدرت في حقهم كما غطتها الاذاعة و التلفزة المغربية و كذا جريدة العلم ووكالة المغرب العربي للأنباء، إلا أنه تم ضرب كل ذلك عرض الحائط حيث تم تجاوز كل الاعتبارات القانونية والإنسانية بعدما تم نقل المحكوم عليهم بالبراءة إلى المعتقل السري بتمارة بعدما وضعوا عليهم العصّابات و قيدوهم بالأصفاد،حيث قضوا 6 أشهر هناك،ومن ضمن هؤلاء نجد:(عمر بنجلون،محمد اليازغي،اسماعيل عبد المومني،أحمد بلقاضي،توفيق الادريسي،عمرالخطابي،مصطفى القرشاوي،عبد العزيز بناني...) ليتم بعدها تقسيمهم إلى 3 مجموعات،أولاهما شكلت من 32 معتقلا،وهم الذين تمت إحالتهم على القضاء من جديد،على خلفية ملف مفبرك يتعلق بمحاولة اغتيال الحسن الثاني و التخطيط للهروب من السجن ،سعيا وراء احتلال السفارة المغربية بلندن، ليتم إعادتهم الى السجن المركزي بمدينة القنيطرة فأطلق سراحهم خلال شهر غشت 1974 وحوكموا في المحكمة الجنائية بالرباط خلال 1976 حيث أصدرت في حقهم أحكام بالبراءة،أما أفراد المجموعة الثانية فتم نقلهم الى المستشفى بغاية إطلاق سراحهم فيما بعد ومن بينهم محمد الحلوي و بلقاضي و محمد اليازغي الذي نقل حينها إلى مدينة افران ووضع تحت الإقامة الجبرية إلى غاية شهر يونيو 1974 وهو زمن الإفراج عنه،بينما وزع أفراد المجموعة الثالثة على معتقلات سرية أخرى من قبيل قلعة مكونة،درب مولاي الشريف،تازمامارت أو دار المقري...
   إن الهاجس القمعي والتصفوي الذي خيم على النظام خلال 1973 أدى إلى اعتقال مايزيد عن 5000 مناضل اتحادي وزعوا على المعتقلات السرية سابقة الذكر، إذ احتضن درب مولاي الشريف ما بين 300 و400 مناضل اتحادي بينما تم الزج ب 1300 آخرين بالكوربيس بآنفا، بالاضافة الى محاصرة ومداهمة وإغلاق المقرات الحزبية الاتحادية سعيا وراء القضاء على التنظيم الذي أزعج النظام وأربك حساباته،لكن رغم الحسابات الدقيقة التي أجراها وخططها صناع القرار فإنها لم تأتي أُكلها لأنهم عالجوا الأزمة بأزمات أكثر حدة و تعقيد، وبالتالي أفسحوا المجال بمصراعيه أمام اليسار الجديد الذي خرج بقوة وبحجم كبير خلال هذه المرحلة، بداية من فاتح ماي 1973 والمتمثل في الحركة الماركسية اللينينية التي آمنت بقيام نظام جمهوري عن طريق التحالف مع العمال و الفلاحين والحزب الثوري ومنه خوض حرب التحرير الشعبية،والتي من شأنها إعطاء الكلمة النهائية للشعب للفصل في الاتجاه الذي يجب أن تسير وفقه حركة التاريخ،ولعل هذا المشهد سبق له أن حدث خلال 1965 حين النكسة التي شهدها حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية،وعدم قدرته على تحمل مسؤولية مجابهة النظام شديد البأس،وخاصة بعد أحداث 23 مارس 1965 الدامية بشوارع الدار البيضاء التي قادها محمد أوفقير وقتئذ ،بفعل الانتفاضة الشعبية التي جاءت كنتاج لقرار بلعباس القاضي بمصادرة حق أبناء الجماهير الشعبية في التعليم مما دفع الجماهير الشعبية للخروج إلى الشوارع للدفاع عن مصالحها الطبقية، فعمد النظام كعادته على قمع الجماهير المنتفضة و شن حملة اعتقالات في صفوف الجماهير الشعبية كانت هي الأوسع مقارنة مع الفترة التي سبقتها من تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال الشكلي حتى 1965،وبحكم الانكسار العميق الذي أصاب نفوس أبناء ألشعب بدأت تتشكل تنظيمات ماركسية لينينية مؤطرة بالفكر الاشتراكي العلمي، فكر الطبقة العاملة، تمثلت في منظمة إلى الأمام،منظمة 23 مارس ولنخدم الشعب،فبالنسبة للأولى خرجت من رحم التنظيم الذي كان يعرف ب "أ" وهي الجماعة التي انشقت على حزب التحرر والاشتراكية وهي التي تحولت فيما بعد إلى منظمة إلى الأمام ،و"ب"هي الجماعة التي سهر على تقعيدها مناضلين من قبيل(عبد اللطيف الدرقاوي، سيون أسيدون، كمال الحبيب، محمد باري) التي تكونت بعد تكتل الأنوية الطلابية والتلاميذية وبعض القيادات السياسية اليسارية الشابة، إضافة إلى بعض الطلائع النقابية وبعض رموز الحركة الثقافية الثورية خلال الستينيات وخصوصا بعد أحداث 23 مارس 1965 والتي تم توحيدها خلال 1970، وبالتالي أنتجت ما يسمى بمنظمة 23 مارس، وبعدها منظمة لنخدم الشعب ذات المرجعية الماوية (نسبة إلى الزعيم الصيني ماوتسي تونغ)،الذي له كتاب صغير تحت عنوان "لنخدم الشعب"والتي لعب فيها كل من عمر الزايدي ومحمد شغو الدور الأكبر.
   لقد تعرضت الحركة الماركسية اللينينية لتضييق خانق من لدن النظام القائم و المتمثل في الاعتقالات المتتالية بداية من 2 ،3 ،4،5،و6 نونبر 1974،وذلك نظرا للالتحام الكبير الذي شهدته الحركة مع الجماهير الشعبية،مما جعل النظام يهرع إلى الاعتقالات بالجملة في وسط هذه الحركة التي خرجت الى الوجود بقوة لم تكن متوقعة والزج بمناضليها في غياهب المعتقلات السرية من قبيل المعتقل سيء الذكر درب مولاي الشريف الذي كان في البدء عبارة عن مخفر رسمي للشرطة بالحي المحمدي لفترة من الزمن، بيد أنه تحول فجأة الى معتقل سري ،يسكنه عناصر من قوات التدخل السريع بالأعلى ويزج بالمعتقل السياسي بالطابق السفلي وهو عبارة عن مكاتب وممرات ضيقة،وكان يدخله المعتقل وهو معصوب العينين ومكبل بالأصفاد،مع الشتائم و السباب والقذف بالكلام السوقي والفاحش والضرب المبرح من طرف الجلادين، مما يجعله لا يعي الوجهة التي يسلكها خاصة إذا كان من مدينة أخرى بل حتى أن القليل من معتقلي البيضاء من كان يعي وجهته من قبيل المناضل الماركسي اللينيني صلاح الوديع الذي ناضل الى صفوف الجماهير من داخل منظمة 23 مارس،و الذي دخل درب مولاي الشريف في ربيعه 12 في زيارة لوالده المعتقل الاتحادي، ثم عاد إليه وهو معتقل سياسي في سنه 22 ،حين تم اعتقاله يوم 8 نونبر 1974 على الساعة 11و20 دقيقة صباحا،والذي قضى في نفس المعتقل 17 شهرا قبل إحالته على المحاكمة ،تحت سياط الجلاد بمختلف تلاوين التعذيب والتنكيل، كالتجريد من الملابس المدنية وتعويضها ببذلة كاكية والتي لايحق له استبدالها إلى غاية الخروج من المعتقل كما أنه كان محروما من الاغتسال طيلة المدة التي قضاها هناك مع التجويع المستمر، اللهم ما يسمح له بالبقاء على قيد الحياة، حيث كان يقدم للمعتقلين خبزة "معجنة" مع كوب من الشاي في الصباح الباكر، والقطاني خلال الظهر و الليل،الحمص،الفاصوليا،الأرز أو الفول،كما يجبر على حلق الرأس،وعصب العينين ومنعه من الكلام مع أي كان حتى في حالة رغبته في قضاء حاجته البيولوجية كان لزاما عليه طلب ذلك من "الحاج"لأن الحراس من داخل الزنازين كان يطلق عليهم لقب الحاج،فكل هؤلاء الحُجّاج، كانوا يمثلون الجلاد والجزار الذي يسهر على تلقين خيرة شباب المغرب حصص من العذاب المبين داخل الزنازين والمتمثلة في جملة من اشكال التعذيب من قبيل الخنق بالماء الممزوج بالصابون أو أي مادة أخرى من مواد النظافة من قبيل "كريزيل"،ثم هناك الفلقة المباشرة،أو"البيروكي":أي يتبث المعتقل من يديه ورجليه على عمود أفقي يقف على عمودين آخرين،حيث يكون رأسه على مقربة من الالتصاق بيديه ورجليه،وظهره مقوسا ويضرب على رجليه في تلك الوضعية،وهو أقصى أنواع الضرب خاصة حينما يتم بشكل بطيء مع إضافة الملح والماء على الجروح،حينها يصبح المعذُب غير قادر على المشي،وفاقدا الإحساس بقدميه،كما أن هناك ما يعرف بالطائرة أو"الطيَارة" وهي  وضعية "البيروكي"مقلوبة.
إن هذه الأنواع من العذاب التي تعرض لها الآلاف من الشباب المناضل داخل زنازين التعذيب بالمعتقلات السرية من قبيل دار المقري، قلعة مكونة، أكدز،"الكومبليكس" ،تازمامارت،تمارة،الكوربيس...،درب مولاي الشريف الذي استقبل خلال شهر يناير 1975 ما يزيد عن 600 معتقل،وهي المرحلة الاولى المرتبطة بالتحقيقات و الاعتقالات التي طالت مناضلي الحركة الماركسية اللينينية من أجل القضاء عليها كما تصور جهاز المخابرات السرية،وهنا تمت إحالة مجموعة من المناضلين الى المحكمة التي أدانتهم بأحكام ثقيلة تراوحت بين 5 سنوات و الإعدام ،إذ كان عددهم 169 بعد الغربلة و التصفية خلال 1975، حيث أدت بكثير من المناضلين الى مفارقة الحياة بعد صمودهم تحت نيران آلة التعذيب الجهنمية والامتناع عن تقديم أي اعتراف من شأنه أن يضر بالتنظيم الذي ينتمون إليه، وفي هذا المضمار نذكر المناضل عبد اللطيف زروال، القائد الشيوعي، الأممي، الثوري وهو قيادي وعضو الكتابة الوطنية لمنظمة " إلى الأمام " الذي استشهد تحت سياط الجلادين بالمعتقل السري درب مولاي الشريف حيث كان آخر ما نطق به "أموت فداك يا وطني"، وكان ذلك يوم 14 نونبر 1974 ،وكذا رفيقه أمين التهاني المسؤول والقيادي في نفس التنظيم، ابن وجدة البار الذي تم اختطافه وزوجته يوم 27 أكتوبر 1985 واقتيادهما لنفس المعتقل حيث استشهد يوم 6 نونبر 1985 من جراء التعذيب الذي تعرض له منذ لحظة القبض عليه، كما لا ننسى استماتة عبد الله زعزاع في الصمود وهو من قيادي منظمة  الى الامام كذلك،والذي حوكم بالمؤبد الى جانب أبراهام السرفاتي، عبد الفتاح الفاكهاني،بلعباس المشتري،وعبد الرحمان نوضة.
   وعلى سبيل التذكير فإن حصص الاعتقال والتعذيب والتنكيل لم تستثني العنصر الأنثوي حيث تم اعتقال المناضلة الديناميكية في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والاتحاد المغربي للشغل ومنظمة إلى الأمام، والتي اختطفت في 16 يناير 1976، لتتذوق بعدها ألوان من التعذيب بدرب مولاي الشريف ، بمعية رفيقاتها فاطمة عكاشة وربيعة لفتوح، والسيدة بييرادي ماجيو الإيطالية المساندة والمدعمة لمناضلي الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب،ومنه فقد حوكمت سعيدة المنبهي مع مجموعة أبراهام السرفاتي أو ما يعرف بمجموعة 138 بخمس سنوات سجنا نافذا زائد سنتين بتهمة الإساءة إلى القضاء حيث خاضت مع رفاقها مجموعة من الإضرابات عن الطعام توجت بالإضراب اللامحدود عن الطعام وذلك لسن قانون المعتقل السياسي وفك العزلة عن الرفيقات وعن المناضل إبراهيم السرفاتي.والذي أدى الى وفاتها بعد يومها الرابع والثلاثون يوم 11 دجنبر 1977 بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء. بالإضافة إلى فاطنة البيه التي اعتقلت يوم 17 ماي 1977 وتم الزج بها في درب مولاي الشريف بمعية خديجة البخاري،ماريا الزويتني،وداد البواب،لطيفة اجبابدي،نكية بودا،بعدما تم اختطافها لمدة 7 أشهر دون أن تعلم أسرتها مكان تواجدها وقضائها 3 سنوات سجنا دون محاكمة،20 يوما في سجن اغبيلة بالدار البيضاء و المتبقى من الأيام بسجن مكناس،والتي عرضت عن المحكمة بعد خوضها لإضراب عن الطعام دام 20 يوما،ليتم إحالتها بعد ذلك على المحاكمة التي قضت بإدانتها بخمس سنوات سجنا تحت تهمة تهديد أمن الدولة، فيا للعجب شابة تهدد أمن  الدولة وشاب يسقط النظام استنادا لقوة السلاح ،لكن أي سلاح وأي تهديد؟
   لقد استعمل النظام القائم خلال سنوات الجمر والرصاص كل قواه وأجهزته العلنية والسرية من أجل الحفاظ على كرسي الحكم عن طريق النار والحديد، مداهمات اعتقالات بالجملة،اغتيالات،إعدام في صفوف الحركة الماركسية اللينينية والقوى الاشتراكية والشيوعية عامة،التي كان من شأنها تهديد مصالح النظام وذيوله تحت مبررات درائعية ،اتهامات ثقيلة ومحاكمات صورية مجحفة ب 22 و30 سنة، بالمؤبد تارة والإعدام تارة أخرى دون احترام لأي قانون كان سماويا أو وضعيا وعدم مراعاة أي بند من بنود حقوق الانسان.
     أعدم عمر دهكون و21 مناضلا منهم الملياني ومصطفى جدايني...،استشهد عبد اللطيف زروال والتهاني أمين تحت سياط الجلاد ،سعيدة المنبهي ،ومولاي بوبكر الدريدي ومصطفى بالهواري بعد الاضراب اللامحدود عن الطعام،حوصرالاتحاد الوطني لطلبة المغرب واعتقل مناضلوه كممت الأفواه المنادية بالحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية،تم انتهاج سياسة التدجين والاحتواء ونزع إنسانية الإنسان لكن ماذا بعد ذلك؟
   الإجابة على هذا السؤال نتركها للقارئ من أجل التأمل العميق في التضحيات الجسام التي قدمها شباب كله تطلع لبناء بلد ديمقراطي متقدم يتيح الفرص للجميع ينبني على المشاركة والإشراك لكافة القوى المجتمعية فأين نحن من هؤلاء؟




موت المعنى في الخطاب السياسي لمغرب اليوم


ميلود العلواني
يمكن اعتبار زمن الحراك الاجتماعي الذي شهدته جملة من الدول العربية ،والذي اصطلح عليه بالربيع العربي ،الذي نبتت نبتته الاولى من معقل البوعزيزي بتونس الذي قدم حياته ثمنا لاسترداد الكرامة التي استلبت عسافا من ملايين الناطقين بلغة الضاد، ليزحف بعدها الربيع إلى الدول المجاورة و البعيدة ،مزعزعا كيان أنظمة آمنت بالخلود على اقتعاد الكراسي السياسية متغافلين الجماهير الحالمة بمستقبل زاهر،أنظمة حكمت بالنار و الحديد تارة ،و بالمكر والدهاء السياسي تارة أخرى،و النتيجة تراوحت بين الإعدام ،و العزل والسجن لرموز الانظمة التي اعتبرت مذنبة، و الدفع بأخرى إلى الاسراع صوب التلاعب بأوراق البيت الداخلي لصناعة القرار ،من قبيل إحداث تعديلات صورية و تمويهية على الدساتير ،كما أتيحت الفرصة لصعود أحزاب اسلاموية إلى الحكم ،ما كانت لتقتعد الكراسي لولا قوة الربيع الذي زحف طويلا ،فأربك حسابات صناع القرار ،و لعل حزب العدالة و التنمية المغربي لواحد من تلك الأحزاب المتبنية للخطاب السياسي في بعده الديني ،و الذي سعى طويلا وراء تحصيل نصيبه من كعكة صناعة القرار مستندا في ذلك الخطاب العاطفي الذي يتسلل بدماثة إلى مشاعر المعوزين و المفقرين ،و كذا الوعود السياسية الزائفة،من قبيل احداث المساواة و العدالة الاجتماعية ،و التنمية الاقتصادية التي أقام أسسها عمر بن الخطاب،فإلى أي حد استجاب خطاب الحكومة الحالية لمتطلبات الشعب المغربي المجيد؟
إن البحث في الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية التي يعيشها الشعب المغربي كشف عن موت فعلي في معنى الخطاب السياسي بالمغرب الراهن ،إذ أثبتت جملة من الدراسات أن الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي الهش أنه سيقود لا محالة إلى انفجار حراك اجتماعي جديد بمغرب الحقوق و الحريات ،و هذا طبيعي جدا بحكم ازدواجية الخطاب السياسي بالمغرب الراهن ، و القائم على تقديم جملة من الوعود الرومانسية ،من قبيل إحداث اصلاحات جذرية ،و محاربة الفساد السياسي الذي ينخر المنظومة السياسية منذ عقود من الزمن ،اضافة إلى اعطاء الاولوية إلى تنمية احوال الطبقات المعوزة و المسحوقة ،خاصة فيا يتعلق بوضعهم الصحي و التعليمي و الاقتصادي،و ضمان الحريات العامة و حق التظاهر السلمي و استقلالية القضاء ...
بالرجوع إلى مفهوم السياسة ،فقد تم تعريفها بكونها فن تدبير شؤون العامة في مختلف مجالات الحياة،كما اعتبرها جملة من الفلاسفة علما قائما بذاته له موضوعه و منهجه و غاياته غير أن الأنانية المتجدرة في الانسان قد حرفت السياسة عن أهدافها و غاياتها النبيلة ،المتمثلة في رفع جميع مظاهر الفوضى و التوحش،بل أصبح الذين يمتهنوها كحرفة يخيطونها على المقاسات التي تتماشى وفق خدمة مصالحهم الذاتية ،الشيء الذي دفع البعض إلى تعريفها بكونها " فن ممارسة الدهاء و المكر"،و هذا طبيعي ما دامت تحمل في طياتها لأوجه التناقض ،إذ هي من جهة تسعى إلى خدمة الجميع ،لكنها من جهة ثانية قد تنقلب لكي تصير ضارة بهم وذلك في الوقت الذي يتم تسييرها لخدمة مآرب فئة دون أخرى ،كما أشار"ج. فرود"J.FREUD في كتابه ما هي السياسة. و الجدير بالذكر أن الحكومة الحالية انتهجت نفس النهج في تسييرها للشأن العام للشعب المغربي عن طريق الخطاب الأجوف الذي لم يستطع حتى الحفاظ على مكتسبات الجماهير الشعبية التي حصلتها من خلال نضالها المضني و كفاحها المستميت أمام مخططات حكومات ما قبل الربيع العربي ،و يتمثل ذلك في التراجع الكبير على مستوى جميع القطاعات الحيوية،و خاصة على المستويات التالية:
1 – المستوى الاجتماعي و يتمثل التراجع السابق الذكر في تفشي و تفاقم البطالة بين صفوف الطلبة خريجي الجامعات و مراكز التكوين المهني ، تقلص عدد المناصب بقطاع الوظيفة العمومية ،و الدفع بمخطط ضرب مجانية التعليم و التمريض ،و كذا الزيادات المهولة في أسعار مواد التغذية و المحروقات ...
2– المستوى الاقتصادي : العجز الكبير الذي شهدته الميزانية العامة و صندوق المقاصة.
 3 – المستوى السياسي:التضييق من حيز الحريات العامة، و تضييق الخناق على ممارسة حق التظاهر السلمي ،الذي طال مختلف الشرائح المطالبة بحقوقها الشرعية و المشروعة ،من قبيل قمع الطلبة و اعتقالهم و التنكيل بهم على خلفية بعض الأحداث ،لكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى قمع مربو الأجيال ،من معلمين وأساتذة، و قضاة و هلم جرا...
ختاما يمكن القول أن الدراسات الاستراتيجية التي أقيمت حول المغرب،تتضمن في طياتها جانبا كبير ا من المعقولية، إذ أنه مع تفاقم الوضع لابد و أن يولد الحراك الاجتماعي ،و بالتالي سيتم تجاوز قول نيقولا ميكيافيلي في كتابه الأمير:"السيطرة على الأمور في الممالك الجديدة تختلف تبعا لقدرات من يستولي عليها"،لأن الاستيلاء على السلطة من طرف حزب يتبنى الدين كإيديولوجية في تسييره للشأن العام للشعب يجب أن يحترم المرجعية التي يتبناها و أن لا يجعل منه افيونا للشعب لتجاوز هجمة الجماهير المتطلعة لغد أفضل.






الهجرة الخارجية و انحراف الأطفال

ميلود العلواني
 
توطئة
تعتبر الهجرة واحدة من ضمن القضايا الشائكة التي اجتذبت نظر السياسي و السوسيولوجي ، المؤرخ و الجغرافي ،و هلم جرا ...و ذلك على اعتبار تواجدها كظاهرة اجتماعية منذ إعمار الكرة الأرضية ، و يمكن إرجاع ذلك إلى البحث الذؤوب عن ظروف معيشية أمثل، سواء تعلق الأمر بالمعطى الاقتصادي ،السياسي ،النفسي أو الاجتماعي، و يمكن القول أن الهجرة باعتبارها ظاهرة اجتماعية سحيقة أنها تحمل في طياتها تحولات اجتماعية مختلفة ، منها : البنية الديموغرافية، الشبكة العلائقية - التواصلية ،و هلم جرا...
غالبا ما يجد المهاجر نفسه أمام محددات ثقافية متباينة ومحددات بناءه الفكري، و خاصة إذا تعلق الأمر بالطفل المهاجر، الذي يجد نفسه بين حتمية الاندماج وواقع الانحراف. إذن مامدى مساهمة الهجرة في عملية اندماج أو انحراف الأطفال؟ و ما انعكاس ذلك على أفراد العائلة و باقي مكونات المجتمع؟ و هل ثمة من ميكانيزمات لمقاومة انحراف الأطفال ببلاد المهجر؟
هذه الأسئلة و غيرها سنحاول الإجابة عليها في التحليل.
التأطير المفاهيمي:
يعتبر مفهوم الهجرة واحدا من ضمن المفاهيم التي تتسم بطابع الأهمية ، و يرجع ذلك إلى الطروحات المتعددة التي تناولت هذا المفهوم ، و منه ارتأينا أن نقدمه انطلاقا من جانبه اللغوي و الاصطلاحي.
نقرأ تحت مادة هجر في لسان العرب لابن منظور أن:"الهجرة هي الخروج من أرض إلى أرض، و المهاجرون الذين ذهبوا مع النبي (ص)، مشتق منه و تهجر فلان أي تشبه بالمهاجرين"( ). و جاء في المنجد في اللغة العربية المعاصرة:"هجرة أو هجرة: خروج من أرض إلى أخرى ، اغتراب ، نزوح ، انتقال الأفراد من مكان إلى مكان سعيا وراء العمل و الرزق".( ) و من جانب آخر فقد تم تناول الهجرة ،في المثن السوسيولوجي، باعتبارها عملية انتقال أو ترحال الناس من بلدهم أو وطنهم، إلى بلد آخر ،أو من منطقة إلى منطقة أخرى داخل بلدهم، و تحدث الهجرة عادة بسبب كوارث طبيعية، أو حروب ، أو تهجير من قوة غازية ،أو طلبا للعمل و التمتع بمستوى معيشي أفضل.
و عرفت الهجرة كذلك بكونها انتقال جغرافي يقوم به الأفراد أو تقوم به الجماعات ، و تكون الهجرة إما داخلية ، أو خارجية ، اختيارية أو إلزامية، و قد تكون ذات أمد قصير أو بعيد،( ) و تم تعريفها كذلك بكونها حركة واسعة لمجموعة سكانية داخل موطنها أو إلى موطن آخر، كما قد تكون الهجرة موسمية، طلبا للماء و الكلأ ، كما قد تكون دائمة بسبب الكوارث الطبيعية ، أوالتغيرات الاجتماعية أو الحروب،أو لتحقيق مستوى معيشي أفضل . ( )
أما تحديدنا الإجرائي لمفهوم الهجرة فيمكن القول أنها ظاهرة اجتماعية مرتهنة بالتحولات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و السيكولوجية، وتحدث عملية الهجرة ، سعيا وراء التمتع بشروط أمثل للعيش و البحث عن الرفاه الاجتماعي.
الطفل وواقع الانحراف ببلاد المهجر :
يدل الجنوح أو الانحراف على مجموعة الأفعال التي يؤدي اكتشافها إلى عقاب مرتكبها بواسطة قوى المجتمع الأكبر( )،كما أنه تم تناول قضية الجنوح باعتبارها سلوك غير البالغين ،الذين يقومون بخرق معايير قانونية معينة، أو معايير اجتماعية بصفة متكررة، تبرر اتخاذ إجراءات قانونية تجاه مرتكب هذه الأفعال ،سواء كان فردا أو جماعة. ( )
إن هذه النظرة البسيطة حول قضية الانحراف اتخذناها كفتح للشهية أو كتأشيرة مرور للغوص في عمق قضية الهجرة و علاقتها بانحراف الأطفال،وسننطلق في تحليلنا من قضية تعرض الأجيال المغربية التي نشأت و فتحت أعينها على ثقافة الدولة المستقبلة لعملية تغيير و تحديث ، نتيجة عملية ثقافية فعلية، على مستوى الدروس و المعارف، و المنهجيات و الحيات اليومية،وخاصة فيما يتعلق بالتنشئة الاجتماعية،التي يتعرض لها الطفل في البلد المضيف،من خلال البرامج و المقررات الدراسية ، التي غالبا ما تتعارض مع المحددات الثقافية و الفكرية، التي يسير وفقها الطفل المهاجر،و التي غالبا ما تؤدي إلى زعزعة هويته الأصلية بكل حيثياتها و خاصة العقدية منها،بغاية تشريبه الثقافة السائدة في البلد المضيف،من قبيل إخضاعه لمنطق التنصير مثلا،وبهذه الطريقة يجد الطفل نفسه أمام واقع التفاعل و التكيف، مع مقومات الثقافة الجديدة التي انخرط فيها عن قصد أو عن غير ذلك.
في إطار الحديث عن الهجرة ،خاصة الخارجية منها ، فيمكن القول أنها تنقسم إلى ثلاث أجيال،الأول منها يحتضن المهاجرين ذوي الأربعين عاما فما فوق،و هم بذلك يشكلون طاقة عمل و قوة إنتاجية هائلة للبلد المضيف ، كما أنهم يعملون بكد و جهد لا مثيل له ، قصد التطلع لبناء مستقبل أبنائهم، و إدماجهم في صفوف المجتمع الراقي،و هذا لامسناه في المجتمع الهولندي الذي سعى إلى إدماج المواطنين المغاربة و أبنائهم،عن طريق الإغراءات المتمثلة في تحقيق مبدأ المساواة بينهم وبين المواطنين الأصليين،و ما إلى ذلك،من قبيل تشجيع المهاجر على إلحاق أبنائه به، لكن ما ترتب عن ذلك هو انتشار البطالة و التهميش،بين صفوف أفراد هذا الجيل،أما الجيل الثاني فتتراوح أعمار أفراده بين 12 و13 سنة، ينحدرون من أسر مختلفة من حيث المستوى الاجتماعي،و كان هذا الجيل بمثابة استكمال لوحدة الأسرة في المهجر،و لمتابعة الدراسة بشكل منتظم بالمدارس الهولندية،إلا أنه سارت الأمور عكس ذلك ، فألحق العديد منهم بمراكز التكوين المهني ، أو المراكز الإصلاحية، بفعل التسرب الدراسي و الانغماس في مطبات الانحراف،والذي جاء نتيجة لعدم التكيف مع البرامج المقررة في المقررات الدراسية، أما الجيل الثالث من المهاجرين، و هو الذي ازداد و نشأ في مجتمع آخر، له محدداته و معاييره الثقافية ، و هذا الجيل تقل أعماره عن 16 سنة، الشيء الذي جعل من أصحابه يتكيفون مع الثقافة السائدة ، وينصهرون في مختلف مقوماتها، ولعل هذا الأخير هو ما مهد و هيأ لإكسابهم و تشريبهم ثقافة الانحراف ،و التي تتولد عنها جملة من المشاكل، كملاحقة الشرطة الدائمة للأطفال المغاربة المشبوهين في الديار الهولندية مثلا،كما أنها تعطى احصائيت مغلوطة حول هؤلاء الأطفال المتهمين بارتكاب جرائم على التراب الهولندي، الشيء الذي يعطي صورة مشوهة عن الجالية المغربية،و التي تكون لها آثارها السلبية على مصالح البلاد،أما أسباب انحراف الأطفال ببلاد المهجر فهي عديدة و ثمارها عديدة كذلك، و ندرجها على الشكل التالي،كما أدرجها أحمد البكاري ( ):
- تفضيل الأطفال الهولنديين مثلا، من طرف المؤسسات التعليمية و الأندية الثقافية على الأجانب.
- الفشل الدراسي
- عنف الآباء اتجاه أبنائهم
- انتشار البطالة بين صفوف الجالية المغربية
- النزاعات العائلية.
و من بين ثمار هذه الأسباب نجد:
- سرقة و نهب المحلات التجارية و السيارات و المنازل
- المتاجرة في المخدرات
- القيام بأعمال تخريبية.
- القيام بتهديدات للأشخاص المسنين و غيرهم للحصول على مبالغ مالية أو غيرها
- الضرب و الجرح.
و على سبيل الختام ،يمكن القول أن الهجرة ليست دائما ذات نتائج سلبية ، بل لها إيجابياتها أيضا، لكن غالبا ما تكون سلبياتها أكثر حدة،و نذكر منها على سبيل المثال،لا الحصر، 1600 حالة طلاق، بواسطة القانون الهولندي مثلا،70٪-;- يغادرون الدراسة،30 ٪-;-من الأطفال في السجون، 1650 هاربة إلى ملاجئ،أطلق عليها السادات، دارها B.R.N.B ،850 فتاة مغربية التجأت إلى عائلات هولندية، 1500 طفل من 12 إلى 18 سنة، موجودين في ملاجئ الأطفال ،بطالة 50 ٪-;-، تفكك أسري،اندماج كلي،و هلم جرا... ( ).
لائحة المصادر و المراجع:
- لسان العرب، ابن منظور، دار صادر، بيروت، المجلد 5، الطبعة(1.2 .3).
- مجموعة محررين، المنجد في اللغة العربية المعاصرة، دار المشرق للنشر، بيروت، الطبعة 1، 2000.
- إحسان محمد الحسن، موسوعة علم الاجتماع، الدار العربية للموسوعات.
- ترافيس هيراشي،أسباب جنوح الأحداث،ترجمة و تعقيب، الدكتور محمد سلام محمد غباري،المكتب الجامعي الحديث،الإسكندرية ، الطبعة 2 .
- أحمد البكاري،وضعية الطفل المغربي في المهجر، هولندا نموذجا ، الرباط، الطبعة1،1994.



سيكولوجية الطالب المغربي المهدور

ميلود العلواني
   يعتبر المغرب من ضمن البلدان النامية أو السائرة في طريق النمو كما يقال،نظرا لتوفر ثرواته الطبيعية المختلفة وتعدد وتنوع نطاقاته الجغرافية والمناخية ومناظره الطبيعية الخلابة وموارده البشرية الشابة التي لا تقدر بثمن،إلا ان كل ذلك وذاك لم يستغل بالشكل المطلوب الشيء الذي خلف لنا مشروع تنموي معطوب لم يكتمل بعد.إذن ما الجهات المسئولة عن الإعطاب التنموية ببلاد ألمغرب وما الميكانيزمات التي يمكن الاستعانة بها للنهوض بهذا الوطن المجيد؟
   من المعلوم أن المغرب يتوفر على موارد معدنية هامة،فهو ثاني منتج للفوسفات  في العالم وأول مصدر له، كما يتوفر على ثلاثة أرباع الاحتياطي العالمي، وتقدر نسبة اليورانيوم الممكن استخراجها من الفوسفات المغربي بستة ملايين طن وهو ما يعادل ضعف المخزون العالمي المكتشف حاليا، وتقدر المساحة الصالحة للزراعة في المغرب ب 95000 كيلومتر مربع تستعمل لزراعة كافة المنتجات الفلاحية والزراعية،هذا بالإضافة إلى توفره على شريطين ساحليين يبلغ طولهما 3500 كيلومتر مربع صالحة للصيد البحري،كما يعتبر قبلة هامة للسياحة الخارجية و الداخلية بالإضافة إلى العديد من المصادر والموارد الأخرى،لكن بالرغم من كل المقومات الثرواتية بهذا الوطن الحبيب إلا أن المستفيدين منها لا يظهر لهم أثر،فالمجتمع برمته يعاني ويلات القهر الاجتماعي والسياسي الدمث، وخاصة أبناء المفقرين من فلاحين دون أرض وعمال وتجار صغار،حرفيين ومعطلين. فالبطالة تنهش الجسد الشعبي لفائدة صناع القرار،فابن الشعب يعاني الأمرين،البطالة والفقر و التهميش و القمع في كل زمان ومكان ،الفلاح في قريته يعاني غلاء المعيشة، شأنه شأن العامل والحرفي  بالمدن الصغرى أو الكبرى،المعطل أمام قبة البرلمان،الطالب في جامعته او بالأحرى داخلها من نقطة اقصائية واستغلال،واقتحامات لقوى الأمن،واعتقالات بالجملة في صفوف الطلبة المطالبين بحقهم في العيش الكريم والتمدرس الجيد وكذا المحاكمات الصورية لطلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ مرحلة التأسيس إلى الآن، خاصة الطلبة الناشطين من داخل اليسار الجدري بكل المواقع الجامعية المغربية، ولعل الحرب الشرسة التي شنت على هؤلاء كان لها آثار سلبية على نفسيتهم وعلى باقي أفراد عائلاتهم بفعل الملاحقات والاقتحامات و الاعتقالات والتحقيقات الرهيبة بالمعتقلات السرية آنذاك، من قبيل المعتقل سيء الذكر درب مولاي الشريف الذي كان بمثابة فضاء التعذيب بمحاكم التفتيش،وكذا المحاكمات الصورية التي أدت إلى وفيات بالجملة لخيرة شباب ابناء الوطن، من قبيل سعيدة المنبهي المناضلة المراكشية الماركسية اللينينية رمز المرأة المغربية المناضلة التي تعتبر أول شهيدة عربية في إضراب عن الطعام دفاعا عن الحق، والتي  اختطفت سنة 1976 واحتجزت بالمعتقل السري درب مولاي الشريف، بالدار البيضاء، يوم 16 يناير بمعية ثلاث مناضلات مكثن بذات المعتقل لمدة ثلاث أشهر، وهناك تعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي قبل ترحيلهن إلى السجن المدني بالدار البيضاء، وبعد خوضها لمعركة الاضراب عن الطعام المفتوح ابتداء من يوم 8 نوفمبر 1977 وبلغت يومه الـ 34 للمطالبة بالاعتراف بصفة المعتقلين السياسيين وتحسين ظروف الاعتقال وفك العزلة، وهو الإضراب الذي دام 45 يوما، نقلت في يومه الرابع بعد الثلاثين إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء يوم 11 دجنبر 1977 لتفارق الحياة هناك بسبب الإهمال،ونفس المصير لاقاه عدد كبير من الطلبة المتعطشين للحرية والكرامة و العدالة الاجتماعية وعلى رأسهم مصطفى بلهواري ومولاي بوبكر الدريدي الذين استشهدا بعد اضراب لا متناه عن الطعام بسجن اسفي ليتم تأبينهما خلال 1984،كما استشهد عبد الحق شباظة بعد اضراب عن الطعام دام ل64 داخل سجن لعلو بالرباط العاصمة،سنة 1988،ومن جانب آخر وفي نفس السياق دائما فقد استشهد كل من زبيدة خليفة وعادل الأجراوي تحت وطأة وابل الرصاص الحي الذي سلطه النظام على الجماهير الطلابية المنتفضة،التي اعتبرت القضية الفلسطينية بمثابة قضية وطنية وبالتالي القيام بانتفاضة طلابية اعلانا عن تضامنها المبدئي واللامشروط مع انتفاضة الشعب الفلسطيني وكان ذلك في 20 يناير 1988،لكن مسلسل الاعتقالات و التصفيات الجسدية للطلبة المطالبين بالتحرر لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى تواطؤ النظام مع قوى الحركات "الاسلاموية "التي أدت إلى اغتيال المعطي بوملي بوجدة 1991 وايت الجيد محمد بنعيسى خلال سنة  1993 بمدينة فاس.
   جدير بالذكر أن المسلسل التصفوي لخيرة أبناء الشعب لم يتوقف عند هذا الحد بل استمر ليومنا هذا من خلال المطاردات والتطويق والاقتحامات  والاعتقالات الهوليودية لناشطي حركة 20 فبراير ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب،بداية من شهداء الحسيمة الذين قضوا احتراقا،وعلى رأسهم جعفر نبيل و كمال العماري و كمال الحساني الذين فارقا الوجود بعد تعرضهم لاعتداءات جسدية بليغة،وبموازاة ذلك فالحملة المسعورة على مناضلي اليسار الجدري بمختلف ربوع الوطن المكافح،و المتمثلة في الاعتقالات السياسية التي طالت مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمختلف المواقع الجامعيةالصامدة(مراكش،ظهرالمهراز-فاس،تازة،مكناس،أكادير،تطوان،الحسيمة،موقع القنيطرة)الذي ركزت حوله كل العيون خلال السنوات الأخيرة و خاصة خلال هذه السنة التي تميزت بكفاح مستميت منذ بداية الموسم الجامعي على خلفية جملة من المطالب و على رأسها ملف الماستر المؤطر بشعار "الماستر حق الجميع"و الذي لا زال يرفرف داخل الحرم الجامعي ليومنا هذا رغم العسكرة الرهيبة التي شهدها الموقع والمضايقات و الملاحقات المستمرة للطلبة المجازون ومناضلي"أوطم،" بعد المداهمة العنيفة لحرم جامعة ابن طفيل يوم الاثنين 20 يناير2014 صباحا و التي اعتقل على اثرها 26 طالبا وطالبة، ليتم الاحتفاظ ب 4 مناضلين وهم:(اسماعيل الاحمر،عبد الرزاق اجقاو،عبد الرحيم التاويل، زكرياء الرقاص واطلاق سراح البقية بعد المضايقات و الترهيب،ليتم بعدها اضافة "كريم بوسعدان" بعد أن القي عليه القبض أمام المحكمة الابتدائية للقنيطرة، خلال مشاركته في الوقفة التي نظمها مناضلي "أوطم" بمعية الطلبة المجازون،للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الأربع،و للتذكير فإنه بعد المحاكمات الصورية التي أجريت داخل نفس المحكمة،تم الحكم على المناضلين الخمس بثمان أشهر سجنا نافدا مع غرامة مالية قدرها 1000 درهم،وهم الآن في طريق الاستشهاد بحكم الوضع الصحي الكارثي الذي يعيشونه(عدم اـقدرة على المشي والكلام ، تقيؤ الدم ، انخفاض الضغط ،الانخفاض المهول في الوزن)،بعد خوضهم لإضراب لا محدود عن الطعام منذ 9 فبراير مع الاضراب عن الماء والسكر بداية من يومه  الجمعة 14 مارس 2014،نظرا لسياسة الآذان الصماء التي تنتهجها كل الجهات المعنية اتجاه الاستجابة لمطالبهم الشرعية و المشروعة والمتمثلة في السكن والمنحة والماستر. وفي ذات السياق فإن الطلبة المجازون بمعية مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يعتزمون الخوض في معارك انتحارية من قبيل المحارق الجماعية و نصب المشانق الجماعية بفضاء الكلية في حالة عدم الاستجابة الفورية لمطالبهم التي كافحوا من أجلها منذ انطلاق الموسم الجامعي الجاري.
   ختاما نشير إلى أن هذا السرد القاصر لبعض الاحداث الجاري بها العمل من داخل المغرب في ظل زمن يتغنى "صانعوه " بالحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية،ليساهم بشكل مباشر في انكسارات وشروخ سيكولوجية عميقة في صفوف  الشباب المغربي المكافح الحالم بغد أفضل وبمغرب مزدهر،كما يمكن القول أن غياب الإرادة السياسية الجادة يكرس لمنطق تهميش الطاقات الشابة التي من شأنها الدفع بقافلة التنمية البشرية والاجتماعية الحقيقية إلى الامام،وكذا الدفع بها إلى غياهب السجون ومستنقع الدعارة والاجرام والانزياح عن سكة التحليل المنطقي للأمور.  




mercredi 23 avril 2014

dimanche 20 avril 2014

la chambre noire film marocain complet


الغرفة السوداء -درب مولاي الشريف-

المهدي بن بركة اللغز

تحية وتقدير يسعدني كثيرا أن أقدم لكم هذا الشريط الذي يحكي كيف تم اختظاف
المهدي بنبركة
القيادي المهدي بنبركة وكذا الاطراف التي شاركت في هذه الجريمة السياسية،التي خدمت أجندات سياسية كونية.

اختطاف المهدي بن بركة ذاك الملف المقبور

Le Sacre de l'Homme

فلم وثائقي يحكي عن مراحل تطور أسلوب حياة البشرية

La Grèce Antique, Origine De Notre Civilisation - Socrate, naissanc

اليونان القديمة،منشأ حضارتنا - ميلاد سقراط

*مدخل إلى علم الاجتماع*بيير بورديو وباسرون

التراتب الاجتماعي بالمغرب بين السلطة و التغير الاجتماعي والتنمية البشرية

ميلود العلواني
   بديهي و موضوعي أن اهتمام علماء الاجتماع بعملية التراتب الاجتماعي  لم يـأتي من فراغ و إنما جاء كنتيجة لمحاولة وصفهم لأوضاع اللامساواة الحاصلة بين الأفراد والجماعات في منظومة المجتمعات البشرية، وتجدر الإشارة إلى كون التراتب الاجتماعي يطال مختلف جوانب  الحياة الاجتماعية للأفراد،وهذا ما اهتمت به أدبيات علم الاجتماع.إذن ما طبيعة هذه الجوانب ومن هم الرواد الذين اهتموا بمسألة التراتب وما علاقته بقضايا التغير الاجتماعي والسلطة وتنمية أوضاع الناس؟
   مما لا شك فيه أن اهتمام علماء الاجتماع بالتراتبات الحاصلة بين أفراد المجتمع قد جاء نتيجة للتفاوت الذي شهدته مجتمعات القرن التاسع عشر، وما قبلها ولا سيما مع المدرسة الماركسية التي اهتمت بقضية التراتب ولا سيما فيما تعلق منها الاجتماعية وتصارعها والتي عادة ما عرفت بكونها جماعة من الناس تتشابه في علاقتها بوسائل الإنتاج ويمكن القول أن الطبقة اعتبرت بمثابة مجتمع مصغر أو جهاز عضوي وآلة للعمل والوحدة والاندماج كما يمكن القول على أنها تمارس ضغوطا وتمارس عليها كذلك ومن باب التذكير نشير إلى كون الطبقات لم توجد إلا مع ظهور الملكية الخاصة والتي كرست لمبدأ التمايز بين الناس من خلال ثنائية طبقة تملك وسائل الإنتاج وأخرى محرومة من ذلك، بمعنى تشييد صرح الهرمية الاجتماعية والذي أدى بدوره إلى إفراز جملة من التطاحنات وارتفاع اللامساواة الاقتصادية وتكريس الصراع الطبقي والاجتماعي الذي وسم السير العادي لركب التطور البشري عبر العصور.
   لقد كانت المرحلة ما قبل الصناعية تتميز ببروز طبقتين اجتماعيتين أولاهما ملاك الأرض من أرستقراطيين ونبلاء ومالكي العبيد، وثانيهما الطبقة المساهمة في الإنتاج والمتشكلة من عمال السخرة و العبيد والفلاحين الأحرار أما المرحلة ما بعد الصناعية فتميزت كذلك بظهور طبقتين اثنين واحدة مالكة لوسائل الإنتاج ويتعلق الأمر بالصناعيين و الرأسماليين وأخرى تابعة أو مستغلة و هي طبقة العمال أو البروليتاريا.والعلاقة التي تجمع بينهما هي علاقة استغلال من طرف الرأسمالي أو مسألة الإفقار أو الإعواز على حد تعبير كارل ماركس، ويمكن القول أنه ركز على هاتين الطبقتين مع عدم تعريفه للطبقة أو التراتب الناتج عنها انطلاقا من مصدر الدخل أو الوظيفة للأفراد مخافة تقسيم المجتمع إلى عدد لا متناه من الطبقات.وهنا نشير إلى كون ماكس فيبر انطلق في تحليله لمقاربة التراتب الاجتماعي من الأرضية الماركسية لكنه أضاف إليها تعديلات كبرى من قبيل اعتباره المجتمع يتميز بالصراع من أجل القوة والموارد،لكنه يعتبر أن التراتب الاجتماعي لا يقوم على الوضع الطبقي فقط وإنما ينبني على أساس المكانة الاجتماعية والحزب والتي تم إدراجها في ثلاث تمايزات اجتماعية منتظمة ومسترسلة شريطة أن تقوم على مبدأ الديمومة و حتمية التراتب والتمايز والمرتكزة أساسا على متغير الجنس والسن والانتماءات العرقية،الخصائص اللغوية،المحددات الثقافية...و هلم جرا.
   ومن جانب آخر نجد البنيوية الوظيفية تعتبر أن المجتمع نظام شديد التعقد تعمل كل أجزاءه سويا قصد تحقيق الاستقرار والتضامن بين مكوناته،كما اعتبرت التراتب بمثابة عامل من عوامل تدعيم النسق الاجتماعي لا للقضاء عليه و تحطيمه.ولكي لا نطيل الحديث فيما هو سطحي آن لنا أن ننتقل إلى الحديث عن علاقة التراتب الاجتماعي بالتغير الاجتماعي والسلطة وتنمية أوضاع الناس. .
   بادئ ذي بدء يمكن القول أن المجتمع هو مجتمع طبقي بامتياز،يستند في سيره العادي على حتمية الطبقة والتراتبات الاجتماعية المنبنية أساسا على الاستحواذ عن السلطة أوالثروة،وهذه الصراعات تساهم في غالب الأحيان وبشكل واضح ورئيسي في خلق دينامية التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وما يبرز ذلك هو الطرح الماركسي القائل بكون حوافز التغير الاجتماعي تتمثل بالدرجة الأولى في المؤثرات الاقتصادية وكذا الصراع بين الطبقات والذي يعتبر بمثابة محرك للتاريخ أو كما قال ماركس:"ان التاريخ البشري برمته حتى الآن هو تاريخ الصراعات بين الطبقات".هذا وقد ركزت التحاليل الماركسية على مسألة التغير الاجتماعي من خلال انتقال المجتمعات من نمط إنتاج إلى آخر تدريجيا أو عن طريق الثورات بسبب الفوارق الحاصلة في اقتصاد تلك المجتمعات.
وفي المقابل نجد ماكس فيبر يعتبر الآراء والقيم لها ما لنظرية الصراع من تأثير على التغير الاجتماعي باعتبار أن الدوافع والأفكار البشرية بإمكانها أن تساهم في عملية التغير الاجتماعي.
    يبدو أن المنظور الفيبري يكتسي طابعا من المعقولية ومرد ذلك إلى كون بعض القيم منها على سبيل المثال لا الحصر القيم الدينية كالمسيحية البروتستانتية التي كان لها دور كبير في تشكل الرأسمالية .وكذا بعض القيم الإيديولوجية والتي غالبا ما تؤدي إلى تشكيل بعض البنى السياسية،ففي المغرب مثلا أدت جمعية حركة لكل مواطن إلى تشكيل حزب العدالة والتنمية والذي كان له دور كبير في تغيير الخريطة السياسية للبلا وقلبها رأسا على عقب، ضاربا بذلك طموحات الشعب المغربي عرض الحائط. ومن جانب آخر نشير إلى كون التراتب الاجتماعي يحمل في طياته احتكارا للسلطة من طرف طبقات معينة سواء ما تعلق بالطبقة المخملية والمتمثلة في القادة سواء تعلق الأمر بالملك أو الرئيس أو حتى قادة الأحزاب السياسية باعتبار الحزب يمارس تأثيرا كبيرا في مسألة التراتب الاجتماعي،هذا بالإضافة إلى ما يعرف بالمجتمع المدني والذي يعمل بدوره على التحكم في زمام أمور السلطة والوقوف ندا أمام هيمنة الدولة،ويضاف إلى ذلك هيمنة الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج على بعض السلط. حتى وان كانت متعلقة باحتكار السلع أو الرفع من أسعار المبيعات وهلم جرا...
  أما علاقة التراتب الاجتماعي بالتنمية البشرية فهي علاقة تجاذب وتنافر وسبب ذلك راجع إلى كون الاختلافات والتمايزات الحاصلة بين شرائح المجتمع، فمثلا إذا حاول الرأسمالي إقامة مشروع صناعي معين فهو حتما سيساهم في إنعاش وتحريك دواليب الشغل لدى الطبقات المقهورة اجتماعيا،لكن الإشكال الذي سيطرح هنا وبدون منازع هو استغلال تلك الطبقة عضليا بأبخس الأجور بمعنى أن المشاريع التنموية في ظل الاستغلال الفاحش من طرف أربابها للشغيلة  سيساهم في عدم تحقيق التنمية وهنا سنشير مثلا إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب التي ابتدأت منذ مدة قصيرة واكتسحت كل النطاقات الجغرافية، لكن خلال هذه الفترة الوجيزة لم يكتب لها النجاح و هذا راجع إلى عامل التطاحن الطبقي وغياب الرقابة والحكامة في هذا البلد المصون.إذن كيف يمكن تحطيم جدار التفاوت الطبقي وتحقيق التنمية البشرية ولو نسبيا؟          

 
Design by Wordpress Templates | Bloggerized by Free Blogger Templates | Web Hosting Comparisons تعريب : ميلود العلواني